خطب مكتوبه عن الأضحية
الأضحية
أحمد بن عبد السلام مارسو
ملخص المادة العلمية
1- الأضحية وحكمها. 2- فضل الأضحية. 3- ما تجوز منه الأضحية. 4- كفاية أضحية واحدة عن أهل البيت الواحد. 5- وقت الذبح. 6-توزيع لحم الأضحية.
أما بعد:
الأضحية: اسم لما يذبح من الإبل والغنم يوم النحر وأيام التشريق بقصد التقرب إلى الله تعالى. وهي ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة. قال تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَـٰكَ ٱلْكَوْثَرَ فَصَلّ لِرَبّكَ وَٱنْحَرْ [الكوثر:1-2]. والمراد بالنحر في الآية هو الذبح يوم النحر على أحد الأقوال، ويشمل الأضحية والهدي وذلك قول الجمهور. وثبت في أحاديث صحيحة أن النبي ضحى، وضحى المسلمون معه.
وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء إلى أنها "سنة مؤكدة"، ولم يقل بوجوبها إلا أبو حنيفة رحمه الله. يقول رسول الله: ((إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا بشره شيئاً)) [ رواه مسلم عن أم سلمة].
قال الشافعي رحمه الله: إن قوله: ((فأراد أحدكم)) يدل على عدم الوجوب.
- فضل الأضحية: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا)). وَيُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأُضْحِيَّةِ: ((لِصَاحِبِهَا بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ)) وَيُرْوَى: ((بِقُرُونِهَا)).
وعن زيد بن أرقم قال قلت: أو قالوا: يا رسول الله: ما هذه الأضاحي؟ قال: ((سنة أبيكم إبراهيم، قالوا ما لنا منها؟ قال: بكل شعرة حسنة، قالوا فالصوف؟ قال: بكل شعرة من الصوف حسنة)) [رواه أحمد وابن ماجه].
وصح عن أبي هريرة قوله : ((من وجد سَعَةً فلم يضحِّ فلا يقربن مصلانا)) [رواه أحمد وابن ماجه].
ما تجوز منه الأضحية: لقد أجمع العلماء على جواز الضحايا من جميع الأنعام (الإبل، والبقر، والغنم، والمعز) ولا تجزئ من غيرها. ولا تجوز الأضحية بسن أقل من السن المشروط في كل نوع. فمن الإبل ما له خمس سنين، والبقر والمعز ما له سنتين ودخل في الثالثة، ومن الغنم ماله سنة ودخل في الثانية، وأجازوا الجَذَع من الضأن، وهو ما له ستة شهور.
ولا تجوز المريضة البيِّن مرضها ولا العوراء البين عوَرها ولا العرجاء البين عرجها ولا الضعيفة الجعفاء التي ذهب مخها من شدة الهُزال.
- كفاية أضحية واحدة عن أهل البيت الواحد.
إذا ضحى إنسان فإنها تكفي عنه وعن أهل بيته ممن يرعاهم وينفق عليهم، بمعنى أنهم يشتركون معه في الثواب.
- وقت الذبح: قال أبو حنيفة رحمه الله: يدخل وقت الذبح في حق أهل القرى والبوادي إذا طلع الفجر من يوم النحر، ولا يدخل في حق أهل الأمصار إلا بعد أن يصلي الإمام ويخطب، فإن ذبح قبل ذلك لم يجز. وقال الإمام مالك رحمه الله: لا يجوز الذبح إلا بعد صلاة الإمام وخطبته وذبحه أخذاً بنص الحديث.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: لا يجوز قبل صلاة الإمام، ويجوز بعدها قبل أن يذبح، سواء في ذلك أهل القرى والأمصار والبوادي.
وقال الشافعي رحمه الله: إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد وخطبته أجزأ الذبح بعد ذلك، سواء صلى الإمام أم لا وسواء صلى المضحي أم لا، وسواء كان من أهل القرى، أم من أهل الأمصار أم من أهل البوادي، أم من المسافرين.
- توزيع لحم الأضحية: ليس المقصود هو إهراق الدم فحسب، وليس المقصود من الحديث أكل اللحم فإن كثيراً من الناس في هذا العصر يأكلونه يومياً؟! ولكن الله يقول: وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَـٰهَا لَكُمْ مّن شَعَـٰئِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَـٰهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ[الحج:36-37].
فالسنة: أن يأكل منها المضحي هو وأهل بيته، ويطعم منها الفقراء، ويهدي الأقارب والأصحاب. وقال العلماء: الأفضل أن يأكل الثلث، ويدخر الثلث، ويتصدق بالثلث.. ويجوز نقلها ولو إلى بلد آخر.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ((منْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ الْمَاضِي. قَالَ: كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا)).
وعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ضَحِيَّتَهُ ثُمَّ قَالَ: ((يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ)) فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ .[مسلم].
وعَنْ جَابِرٍ عَنه أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ النَّبِيِّ بَعْدُ: ((كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا)) [ مسلم].
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ((يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ)) وقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: ((ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)) فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا وَحَشَمًا وَخَدَمًا فَقَالَ: ((كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَاحْبِسُوا أَوِ ادَّخِرُوا)) [مسلم].
- الأضحية قيمة تربوية للأسرة والمجتمع. فهي تذبح طاعة لله ولرسوله وهي بذل وعطاء في سبيل الله. ومن هنا وجب على الوالدين وخصوصاً الأم أن تلفت نظر أبنائها إلى هذا العمل وأهميته، وأن تقص عليهم قصة الأضحية، وتبين لهم أن هذا العمل تقرب إلى الله، كما أن عليها أن تعود أطفالها معنى العطاء والبذل بأن يقوموا هم أنفسهم بتوزيع اللحم على الفقراء والمساكين، وعلى الجيران. كما أن الأضحية هي تكافل اجتماعي يتساوى فيه الفقير والغني، فالكل يأكل اللحم ويذوقه يوم العيد وأيامه، كما أنها فرصة للمشاركة في الإكرام وجمع الإخوان في مكان واحد على طعام واحد مشاركة من الجميع.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.